ترى إليز بيكر أن تصويت الكنيست الإسرائيلي في أواخر أكتوبر لصالح مشروعَي قانون يدعوان إلى ضمّ الضفة الغربية يمثّل تطورًا خطيرًا، حتى لو لم تتوافر بعدُ الأصوات الكافية لتحويله إلى قانون نافذ. أحد المشروعين يطالب بضمّ جميع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، بينما يركّز الثاني على ضمّ مستوطنة “معاليه أدوميم” القريبة من القدس. تشير إلى أن هذه الخطوة تعكس تصاعدًا في التأييد داخل إسرائيل لفكرة الضم، وتكشف تجاهلًا واسعًا لحقيقة قانونية واضحة لا تقبل الجدل: الضمّ محظور تحت جميع الظروف بموجب القانون الدولي.

 

وتوضح أتلانتيك كاونسل، أن أي خطة ضمّ — بصرف النظر عن المبررات السياسية أو الأمنية — تُعد غير مشروعة قانونيًا، وأن على جميع الدول التزامًا قانونيًا بعدم الاعتراف بأي تغيير إقليمي ينتج عنها، وعدم تقديم أي دعم أو مساعدة تُسهِم في تثبيتها أو تنفيذها.

 

ما هو الضم ولماذا يُحظر دوليًا؟

 

يعرَّف الضم بأنه الاستيلاء القسري لدولة على أراضٍ تعود لدولة أخرى أو لكيان غير خاضع للحكم الذاتي ومعترف به. يختلف الضم عن طرق أخرى لاكتساب الأراضي، مثل التنازل المتبادل أو التطور الطبيعي للأراضي الجديدة. قبل الحرب العالمية الأولى، لم تكن هناك قواعد صريحة تحظر اكتساب الإقليم بالقوة، بل وقّعت اتفاقات سلام نقلت أراضٍ من دول مهزومة إلى منتصرة. لكن الدمار الهائل للحربين العالميتين دفع المجتمع الدولي لإعادة كتابة قواعده.

 

ظهر ميثاق الأمم المتحدة ليضع قيدًا صارمًا على استخدام القوة، ففرض على الدول الامتناع عن التهديد أو استعمال القوة ضد السلامة الإقليمية لأي دولة، باستثناء الدفاع عن النفس أو تنفيذ قرار صادر عن مجلس الأمن. بهذا التحريم، أصبح الضم فعلًا غير مشروع لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. يعود هذا الحظر أيضًا إلى القانون الدولي العرفي، الذي تُعد قواعده ملزمة حتى دون نص مكتوب، ويُصنَّف حظر العدوان ضمن القواعد الآمرة التي لا يجوز الخروج عليها تحت أي ظرف.

 

تعزز قرارات أممية متعددة هذا المبدأ، فقرّ قبول مجلس الأمن بأن اكتساب الأراضي بالقوة غير مقبول، واعتبر محاولات الضمّ “باطلة ومنعدمة الأثر القانوني”، بينما أكدت الجمعية العامة عدم الاعتراف بأي مكسب إقليمي ينتج عن التهديد أو استخدام القوة. تعترف غالبية دول العالم بعدم مشروعية الضم، واستُشهد بذلك على نطاق واسع خلال إدانة محاولة روسيا ضمّ أجزاء من أوكرانيا عام 2022، حيث صدرت مواقف أممية تؤكد أن إعادة رسم الحدود بالقوة أمر غير مقبول.

 

الضفة الغربية: إجماع قانوني يقابل تجاهلًا سياسيًا

 

تظهر مناقشات الضم في إسرائيل بين الحين والآخر، واستخدمها بنيامين نتنياهو سابقًا في سياق انتخابي، ما أثار إدانات دولية قوية. أدلى الأمين العام للأمم المتحدة بتصريحات متكررة يرى فيها أن أي ضم للضفة الغربية يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، وحذّر من أن “الضم الزاحف” للأراضي المحتلة غير قانوني.

 

أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2024 رأيًا استشاريًا خلص إلى أن سياسات إسرائيل وممارساتها، مثل فرض قوانينها على الأرض، وبناء الجدار والبنية التحتية، وتوسيع المستوطنات، ترقى فعليًا إلى ضمّ أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورغم أن الآراء الاستشارية لا تحمل قوة الإلزام نفسها، إلا أنها تتمتع بثقل قانوني وأخلاقي مؤثر أمام المحاكم الوطنية والدولية.

 

ورغم هذا الإجماع، تبقى بعض الأصوات القانونية والسياسية تبرر الضم بزعم غياب سيادة فلسطينية كاملة أو بزعم حاجات أمنية أو روابط تاريخية. ترد بيكر بأن هذه الحجج تناقض الإجماع الدولي الذي يعترف بالضفة الغربية باعتبارها أرضًا فلسطينية، كما أن الحظر المطلق للضم لا يجيز استثناءات بداعي الدفاع عن النفس أو الارتباط التاريخي.

 

حتى حلفاء إسرائيل التقليديين عبّروا عن تحفظهم. عارضت الإدارة الأمريكية الحالية التحركات الأخيرة في الكنيست، وإن لم تصفها علنًا بغير القانونية. يبقى موقفها موضع ترقّب، خصوصًا في ضوء اعتراف سابق بضمّ مرتفعات الجولان، وهو اعتراف رفضه المجتمع الدولي واعتبره مجلس الأمن بلا أثر قانوني.

 

لماذا يشكّل الضم تهديدًا للنظام العالمي؟

 

تحذّر بيكر من أن التساهل مع أي حالة ضم — في الضفة الغربية أو في أي مكان آخر — يفتح الباب لتقويض النظام القانوني الدولي برمته. تأسس مبدأ احترام السلامة الإقليمية بعد حربين عالميتين مدمّرتين، ومعرفته بتاريخ النزاعات الدموية يجب أن تدفع الدول إلى الوقوف في وجه أي مسعى لتغيير الحدود بالقوة.

 

يُلزم القانون الدولي الدول بأن ترفض الاعتراف بأي ضمّ وأن تمتنع عن تقديم المساعدة أو الدعم الذي قد يسهّل تثبيته على أرض الواقع. تدافع هذه القاعدة عن فكرة محورية: لا تكتسب الدول حقوقًا قانونية عبر العدوان. وإلا، فإن منطق القوة سيعود مرجعيةً وحيدة، ويصبح العالم عرضة لموجات جديدة من الصراع.

 

تختم الكاتبة بالتأكيد على أن نقاش الضم داخل إسرائيل لا يغيّر من حقيقته القانونية. يبقى غير شرعي مهما تنوّعت الذرائع، ويقع على عاتق المجتمع الدولي أن يحافظ على ثبات هذا المبدأ، حمايةً لفلسطين اليوم، ولأي أرض يمكن أن تواجه المصير نفسه غدًا.

 

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/all-west-bank-annexation-proposals-are-illegal-and-put-core-international-principles-at-risk/